Header Ads Widget

ضع إشهارك هنا

مهرجان قرطاج الدولي 2024: تناسق موسيقي وبصري فريد في حفل "الجمهور الكورال" لأمين بودشار


 هي سهرة موسيقية لن تنسى بالتأكيد من ذاكرة الجمهور الحاضر في حفل الفنان المغربي أمين بودشار الليلة الماضية (1 أوت) ضمن فعاليات الدورة 58 لمهرجان قرطاج الدولي.  هذا الفنان ابتكر علاقة جديدة مع الجمهور وحوله إلى "كورال"، فأضحت الأجواء مفعمة بالطاقة والحماسة لدرجة أن الحضور كان يغني دون توقف، من فرط الحماسة، مما جعل الصوت الجماعي يسمع بقوة ويعبر عن مدى شغفهم بالأغاني التي يقترحها بودشار . كان الإقبال على هذا العرض الفني كبيرا جدا حتى أن جميع التذاكر نفدت قبل نحو أسبوع، فغصت المدرجات بجمهور غفير تواق للغناء والاستمتاع. وكان اللافت في هذا الحفل أن الجمهور أقبل مرتديا أزياء بيضاء، وفق اتفاق مسبق تم الاعلان عنه، وهو ما أضفى طابعا موحدا وجماليا على الحضور. وهذا التنسيق البصري لم يكن مجرد اختيار عشوائي، بل كانت له دلالة رمزية وجمالية، فارتداء الأبيض يعكس النقاء والانسجام وهو ما ساهم في تعزيز الأجواء الاحتفالية والراقية للحفل. استهل بودشار حفله بأداء مقطع موسيقي من تأليفه حمل عنوان "موزيكا"، ثم اقترح على الجمهور مقاطع موسيقية أخرى من تأليفه أيضا تنبض بالحيوية والطاقة قد مها بين الأغاني المقترحة، وهو اختيار متقن ومقصود حتى يستريح الجمهور ويسترد أنفاسه ويستعد لأداء الأغاني اللاحقة. ومن هذه المقاطع الموسيقية عزف بودشار "جالسا" و"التعريضة" التي أدمج فيها موسيقات العالم و"جبلي جام" التي تمثل اللون الجبلي الموجود شمال المغرب و"ليلا" التي امتزجت فيها ألحان موسيقية مختلفة كالخليجي والمغربي والقناوة والمزود. وبدأ الغناء ب "يا مسهرني" لكوكب الشرق أم كلثوم مما جذب الانتباه منذ اللحظات الأولى. ثم تخلل العرض تنقلات الفنان بين إيقاعات سريعة وأخرى هادئة، مستعرضا مهاراته الفنية في تقديم مزيج رائع من الألحان، فأدى الحضور "أكذب عليك" و"في يوم وليلة" لوردة الجزائرية و"مستنياك" لعزيزة جلال و"جانا الهوى" للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ. أما الأغاني التونسية الخالدة التي ترد د صداها بقوة وعمق في أرجاء المسرح، فكانت مراوحة بين القديم والجديد، إذ أدى الجمهور للصادق ثريا "كي يضيق بيك الدهر" و"نساية" و"ريتك ما نعرف وين" للطفي بوشناق. وغنى الجميع لصليحة رائعتها "آه يا خليلة" ولصابر الرباعي "أتحدى العالم" و"عل ي جرى" للفنانة ع لي ة، ثم كانت أغنية "وحياتي عندك" لذكرى محمد و"اليوم قالتلي" و"حبي يتبدل يتجدد" للهادي الجويني، كما لم ينس بودشار الفنان علي الرياحي في أغنية "تكويت" والفنانة نعمة في أغنيتها "آش علينا". ودعا بودشار إلى الركح مجموعة من العازفين الذين أدوا معزوفات في اداء منفرد، ومن أبرزهم عازف الكمان القدير البشير السالمي الذي أبدع بأنامله في عزف "عرضوني زوز صبايا" و"علاش يا غزالي"، في حين قدم العازف جوهر الهرماسي معزوفة على آلة السكسوفون. // علاقة أفقية كسرت النمط المألوف وبرزت العلاقة الأفقية بين الفنان وجمهوره كعنصر محوري في نجاح العرض. فالعلاقات الأفقية التي تشير إلى التفاعل المتساوي وغير الهرمي بين الفنان والجمهور، شكلت جزءا أساسيا من التجربة الموسيقية التي قدمها بودشار وهي العمود الصلب التي ترتكز عليها حفلات هذا الفنان المعروف بروحه المرحة وحماسه، فجعل من التواصل مع جمهوره جزءا لا يتجزأ من الأداء. كما كان الحضور يتجاوب مع إشارات الفنان بشكل فوري وهذا التفاعل المزدوج خلق ديناميكية خاصة جعلت من الحفل تجربة موسيقية جماعية متفر دة ومك نت بودشار من تحفيز طاقاته الإبداعية في العزف وقيادة الفرقة الموسيقية المصاحبة له والمتألفة من 35 عازفا منهم 15 عازفا تونسيا.. // تناغم بصري وموسيقي وتجل ت العلاقة بين أمين بودشار وجمهوره، ضمن هذا الحفل في مهرجان قرطاج الدولي، من خلال تناغم بصري وموسيقي فريد، حيث حضر الجمهور بزي أبيض تماهى بشكل ملحوظ مع أزياء الفرقة الموسيقية، مما خلق مشهد ا بصري ا متكامل ا. وهذا التنسيق البصري لم يكن مجرد جمالية، بل كان له تأثير مباشر على تجربة الأداء، فالأزياء المتناسقة ساعدت في تعزيز الشعور بالتلاحم والتكامل بين الفنان والجمهور، مما جعل العرض يبدو وكأنه عمل جماعي متكامل. وأعرب أمين بودشار خلال الندوة الصحفية التي تلت العرض عن شكره العميق للجمهور التونسي، مؤكدا أن هذا الأداء هو من بين اللحظات الأبرز في مسيرته الفنية. كما تحد ث عن هذه التجربة المبتكرة التي أطلقها منذ ما يناهز 3 سنوات، قائلا إن الفكرة خامرته أثناء العزف في بيته بينما كان أفراد عائلته يؤدون الأغاني، فكان تفاعلا فريدا بينهما. وأضاف أن الفكرة تعززت مع أول تجربة عندما عزف "جانا الهوى" لعبد الحليم حافظ وأداها الجمهور، مضيفا "لذلك انطلقت فعليا في هذه التجربة ولقيت تجاوبا جماهيريا كبيرا في مختلف الحفلات". وقال إن نجاح تجربة "الجمهور الكورال" جعلت عديد الفنانين يخطون على دربها، لافتا إلى أن الأمر أزعجه في بداية الأمر، لكن مع النجاح الذي حققه في جميع حفلاته أصبح هذا الأمر عاديا بالنسبة إليه. وتعتبر مشاركة أمين بودشار في مهرجان قرطاج الدولي بمثابة علامة فارقة في مسيرته الفنية. وقد أثبت من خلال هذا الأداء الباهر قدرته على جذب انتباه الجماهير الكبيرة وتقديم عروض تتماشى مع مستوى الحدث الدولي. الحفل لم يكن فقط فرصة لتقديم فنه، بل أيضا منصة لإبراز الثقافة العربية وتعزيز حضورها في الساحة الفنية العالمية.

إرسال تعليق

0 تعليقات